الاشتباكات مستمرة في مخيم عين الحلوة.. فشل التهدئة يفتح الأبواب على اكثر من احتمال

منذ 9 شهر 2 يوم 6 س 11 د 8 ث / الكاتب Zainab Chouman

Lebtalks

عاش مخيم عين الحلوة ومحيطه أمس يوما ملتهبا اخر في ظل اشتباكات عنيفة بأسلحة مختلفة على كل محاوره، بين عناصر من حركة “فتح” وعناصر إسلامية متشددة، في أعقاب كمين مسلح أول من أمس، أودى بقائد “الامن الوطني” في منطقة صيدا اللواء “أبو أشرف” العرموشي ومرافقيه الأربعة. ووفقاً لمعلومات من مصادر مختلفة، ارتفع عدد القتلى في اليوم الثالث الى ما يراوح بين 12 و15 قتيلاً وأكثر من 50 جريحاً بين مدنيين ومسلحين وقتل عدد من العناصر التابعين لمنظمات إسلامية . وفي انعكاس بالغ الخطورة لترجمة صراعات دموية ذات امتدادات إقليمية تعصف بالواقع الفلسطيني في لبنان بدت حرب عين الحلوة كأنها بلا ضوابط وحرب تصفيات عنيفة فيما تعجز الدولة والقوى الأمنية والعسكرية عن التدخل ويبقى الوضع مفتوحا على فصول جديدة من الاستباحة الأمنية والسيادية .
وافادت معلومات «نداء الوطن» أنّ تبرير عدم تثبيت وقف إطلاق النار، يعود بحسب مصادر حركة «فتح»، وهي القوة الرئيسية في المخيم، الى تداعيات مصرع قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء محمد العرموشي «أبو أشرف». وأوضحت هذه المعلومات، أن عناصر تابعة للحركة «لا تزال في حالة انفعال ما جعلها متفلتة». وأعلن لاحقاً عن التوصل في التاسعة مساء الى «هدنة انسانية»، ووقف تبادل النيران بين «فتح» والناشطين الإسلاميين.

وبحسب المعلومات، فإنه من المنتظر ان تعقد اليوم «هيئة العمل الفلسطيني المشترك» اجتماعاً من أجل تأليف لجنة تحقيق تضم مختلف الأطراف الرئيسية في المخيم. وتستعد «فتح» لتقديم الأدلة حول مرتكبي اغتيال اللواء العرموشي الى اللجنة، وهي تضم أشرطة من كاميرات المراقبة التي سجلت اغتيال العرموشي و4 من مرافقيه في مرأب للسيارات في المخيم أول من أمس. ويدعى هذا المرأب «موقف مدارس – ابو علول». وفي حال مضت اللجنة في عملها حتى النهاية، يفترض تسليم المتهمين الى أجهزة الأمن اللبنانية كي تحقق معهم وتتخذ الاجراءات القانونية في حقهم، علماً أن الأوساط الفلسطينية المعنية، تشير الى صعوبات تواجه إعادة الهدوء الى المخيم ما دامت القاعدة المعتمدة هي «الأمن بالتراضي».


وفي انتظار معرفة ما ستؤول اليه الأمور في المخيم، كان الاجتماع الموسع اللبناني الفلسطيني الذي عقد في مقر «التنظيم الشعبي الناصري» في صيدا حاسماً في توجيه دفة الأحداث نحو وقف النار. كما عيّنت قيادة «فتح» العميد «أبو أياد» شعلان قائداً للأمن الوطني في منطقة صيدا خلفاً للواء العرموشي.

وحذرت أوساط أمنية مطلعة لـ»البناء» مما يجري في مخيم عين الحلوة على الوضع الأمني في لبنان وعلى الوضع بين الفصائل الفلسطينية وعلى القضية الفلسطينية ناهيك عن الآثار الاقتصادية والحركة التجارية ومصالح المواطنين في صيدا التي تحوّلت إلى مدينة أشباح خلال اليومين الماضيين. مشيرة الى أن الأحداث مفتعلة وفق مخطط مدبر لتفجير الوضع الأمني، ولا تستبعد المصادر دوراً إسرائيلياً في ما يجري، لافتة الى أن كمية السلاح ونوعه الذي استعمل في الاشتباكات وعدد المقاتلين من التنظيمات المتطرفة من جند الشام وعصبة الأنصار والشباب المسلم يظهر بوضوح أن الاشتباكات معدّة سابقاً بقرار من مكان ما وكانت تنتظر إشارة إطلاق الرصاصة الاولى. متخوفة من انتقال المواجهات الى مخيمات أخرى في ظل الحديث عن خلايا إرهابية موجودة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومخيمات النازحين السوريين.
وكتبت” الاخبار”: صحيح أن كل اشتباك في مخيمات لبنان لا يخرج إلا بكوارث إنسانية تزيد من أزمة سكان أكثر البؤر فقراً وعشوائية ونقصاً في المرجعيات الحاسمة قانونياً واجتماعياً. لكن، هذه المرة كانت الأضرار أكبر، إذ خسرت فتح تسعة من قياداتها وعناصرها، مقابل واحد لعصبة الأنصار وآخر للمجموعات الإسلامية، إضافة إلى 32 جريحاً بينهم ستة من أبناء صيدا الذين أصيبوا بالرصاص المتفلّت.
وأظهرت الساعات الأخيرة من الاشتباكات أن عاملاً مهماً دفع بقيادة فتح في عين الحلوة إلى القبول بوقف إطلاق النار، تمثّل في نفاد الذخيرة وعدم تلبية طلباتها بتزويدها بذخيرة ومقاتلين من خارج المخيم. فيما لعبت عصبة الأنصار دوراً في منع المجموعات الإسلامية من شنّ هجمات ضد مقرات فتح، كانت ستكشف فتح كحركة هرمة غير قادرة على المواجهة. وهي أدركت، برغم الخلافات بين أركانها، أن توسيع دائرة المعركة سيجعلها عرضة لضربة قاسية لا تريدها لا هي ولا قيادة السلطة في رام الله.
وقالت مصادر قريبة من حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعليمات حاسمة صدرت اليوم تقضي بضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أن السفير الفلسطيني أشرف دبور «أصدر التعليمات، ويلتزم مقاتلو فتح بذلك»، لكنها أشارت إلى أن الأمور تحتاج إلى وقت «كون الجميع ينتظر التزام القوى الأخرى بالاتفاق». وتطالب «فتح»، «بتسليم الجناة للسلطات اللبنانية».
وتقول مصادر محايدة في الاشتباك الأخير لـ«الشرق الأوسط»، إن «التداخل الفصائلي يحتاج إلى قرار سياسي لبناني وفلسطيني لإنهاء التوتر»، لافتة إلى أن «القرار غير موجود الآن، وهناك تقاعس في اتخاذه، فضلاً عن التباينات بين المجموعات وتعدد الولاءات». وتقول المصادر إن ما جرى «لا يمكن فصله عن تطورات في المنطقة، والمخيمات جزء من ذلك»، موضحة أن الأزمة «تتعدى بارتباطاتها السياسية، ما يجري داخل المخيم، كونها مرتبطة بالحراك السياسي والاصطفاف بالمنطقة والعالم».
من جهته، قال نائب صيدا عبد الرحمن البزري لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ثالث اتفاق لوقف إطلاق النار منذ بدء الاشتباكات لكن نعوّل على تكريسه هذه المرة مع أوامر حازمة من السفير الفلسطيني والقيادات الفلسطينية بوقفه نهائياً، إضافة إلى دخول جهات لبنانية على رأسها (حركة أمل) على خط التهدئة»، مشيراً إلى أن الإشكال بدأ فردياً قبل أشهر بين حركة «فتح» ومجموعة إسلامية، قبل أن يعود ويتطور اليوم بمقتل العرموشي. وكشف البزري أن اجتماعاً سيعقد غداً، في دار الفتوى سيجمع رموزاً إسلامية ومسيحية لإصدار موقف جامع رفضاً للاشتباكات وتكرار الأحداث المؤسفة.